من هو المثقف الحقيقي .. العقل ام المنطق؟

في الحين التي تتصاعد الأصوات بتهدئة الأوضاع وفي ظل التداعيات الدولية المحيطة بنا .. نجد أن هناك فئات لا تزال تمارس أقصى درجات التهيج لبعض القاصرين فهما ما يخبئه التاريخ بين طياته والتداعيات الخطيرة التي قد تكون من المسببات التي تدخلنا في منحنيات نحن في غنى عنها ..

إننا حقا نعيش مأساة حقيقية وقد تكون أسباب هذه المأساة هي تلك المغالطات الغير مسئولة من المعتصمين واعني بالمعتصمين الآن وليسوا أولئك البسطاء الذين انتفضوا بعدما ضاقت بهم سبل العيش وأنهكتهم متطلبات الحياة ولم يجدوا بدا من إبداء الرأي بطريقتهم التي قوبلت بسعة الصدر والسعي الحثيث من لدن المقام السامي لتدارك الأزمة واحتوائها بما يتوافق مع آمن واستقرار البلاد وهذا تأكيد على مدى أهمية المواطن والوطن لدى جلالته حفظه الله ..

إن الأحداث التي نشهدها الآن والإصرار من المطالبين بمزيدا من الإجراءات التطويرية ومزيدا من الحريات الخ.. هم أولئك الذين لا زالوا قاصري النظر وأكادُ أجزمُ أنهم في معزلٍ عن تاريخهم العماني وعن منظومتهم المترابطة من أقصاها لأقصاها .. ومن أراد أن يتسامى بمعتقدات فهمه ويعمل - بمذهب العقل المثقف – (فالعقل المثقف هو ذلك العقل الذي ينطلق من المثالية ويغوص بفكره ويتعمق في البحث عن المثل العليا معتمدا في ذلك على الناحية العقلية البحتة بمعنى أننا لا نحتاج إلا لتحكيم العقل بما يتوافق مع العقل العملي الواقعي ويهتم بالناحية التاريخية) ومدى الترابط والتلاحم بين أفراد المجتمع الواحد وبين الحكومة إذ أن هاتين المنظومتين لا يمكن فصل كل واحدة منها عن الأخرى ..

السؤال الذي أتمنى الإجابة عليه والذي أرجو أن لا يحوّر إلى ما نحن في غنى عنه من مهاترات ..والقائل من هو المثقف الحقيقي القادر على إدارة الأزمات وتخطيها وماذا يجب عليه فعله في مثل هذه الظروف والتداعيات التي قلما تجد من يدرك ماهية خطورتها إذا ما تفاقمت الأوضاع وتزايد الدخلاء المغرضين المحرضين الذين حولوا مطالب شعبية بحته إلى مطالب شخصية.. ولم يكتفوا بإثارة زوبعتها وإنما اتخذوها ندا لعرقلة الإجراءات التطويرية التي تخدم مصلحة الوطن والمواطن ..



إذن من هو المثقف الحقيقي ..
هل هم أولئك المطالبين بالشرعية اللا شرعية أم أنهم أولئك الذين لم يبلغوا سن الرشد الحقيقي حتى يستطيعوا التفكير بعقلهم لا بعقول غيرهم ..

أم أنهم أولئك الذين لم يستوعبوا بعد مدى ما يدعونه من ثقافة ومعرفة وكلمة حرة ..وإبداء رأي.. وعلى أنهم الوحيدون القادرون على إرساء قوانين جديدة ومصالح تتوافق مع أجندتهم دون التفكير أو النظر إلى الجانب الأخر وأهمية توافقه مع بقية فئات وأفراد المجتمع .. ولا يحق لأحد أي كان معتقده وتوجهه وهدفه أن ينفي جهود أمة كافحت من أجل أن تستقر رغم الهفوات التي كانت بمثابة الحمل الثقيل الذي ساهم في إبطاء حركة التطور وما تخللتها من إرهاصات.

أما آن الأوان أن يلتحم الجميع بفكر واعي فجميعنا قادرين على صنع ثورة فكرية تخدم مصالح الوطن والمواطن ونعطي مزيدا من الثقة في الحكومة فالحكومة وحدها القادرة على تسيير أمور البلاد وما يخصها من شأن داخلي وخارجي .. ومحاسبة كل مخطئ بما يتوافق مع متطلبات القانون والعدالة ..ولا سيما بعدما علم الجميع بمكامن الخطأ ومعاقل الفساد.

وأخيرا...
المثقف الحقيقي من وجهة نظري هو ذلك المواطن الصالح الذي يجعل هم الوطن ومن عليه ومنجزاته وأمنه واستقراره هو الهدف الأول والغاية السامية والمبدأ الذي يؤمن به لا بسواه .

ومن ناحية أخرى مخطئ كل من يحاول العبث ويؤجج فتيل الصراع وينفق ماله ويهدر وقته من أجل تهييج فئات لم تعي بعد ماهية الاستقرار والأمان الذي يحتاجه هذا التطوير .. وفي وطن يرقبُ بحذر ما ستؤول إليه الأوضاع في جوار يثور من أوله حتى أطرافه ..

أما حان الوقت لتخطي هذه الأزمة والانشغال بما هو أهم وتكثيف الجهد في تنشئة جيل واعي مثقف يدرك مفردة الوطن وحضارته وارثه ..